hafid derradji

مايحدث غير معقول !!

ما يحدث في جزائر عبد العزيز بوتفليقة وشقيقه السعيد ومن معهما من المتواطئين والمنتفعين، لم يحدث عبر التاريخ ولن يتكرر لاحقًا، ولن يصيب الدولة ما أصابها اليوم من انحطاط وتخلف، وتهديم وتكسير، وصمت وخوف، إلى درجة صرنا نشك في أن انقلابًا أبيض وقع على مستوى الرئاسة والجيش وباقي مؤسسات الدولة، وأدى إلى اختلال التوازن واختطاف السلطة من طرف جماعة لا تملك الشرعية ولا الكفاءة ولا القدرة على قيادة الأمة، ومشروعها الوحيد هو البقاء في السلطة حتى ولو أفلست الجزائر ومات نصف الشعب حسرة وألما

منذ زيارة هولاند الأخيرة للجزائر ولقائه بالرئيس لبضع دقائق، ثم لقائه بالسعيد بوتفليقة لفترة أطول، تزايد الاحتيال وارتفع نسق الإساءة ليمس الرجال والمؤسسات، وكأن الجماعة تلقت الضوء الأخضر من فرنسا لتنفيذ سيناريو المرحلة المقبلة، وتحطيم ما تبقى من أركان الدولة، وإلا كيف نفسر زيارة دولة خاطفة لبضع ساعات من دون أجندة سياسية؟ وبماذا نفسر تصريح هولاند للصحافيين بأن الرئيس في كامل قواه العقلية رغم أنه لم يتحدث معه مطولا؟ وما هو تفسير كل هذا التكالب على رجال المخابرات، وبعض قادة الجيش، وعلى كل من يشمون فيه رائحة الاعتراض على مشروع الانتقام من الجزائر؟

كثير من المتتبعين كانوا يشككون في قدرة الرئيس على التحكم في زمام الدولة لأطول فترة ممكنة، ويشككون في حقيقة السلطات التي استولى عليها شقيقه، وتحكمه في دواليب الدولة لأنه مجرد شقيق للرئيس من دون رصيد تاريخي ومن دون وزن سياسي، لكن بعد زيارة هولاند الأخيرة والتغييرات التي تمت باسم الرئيس لم يعد هناك أي مجال للشك بأن الجماعة تنفذ فعلا أجندة أجنبية للانتقام من الجزائر والجزائريين، والانتقام من الجيش والمخابرات، مثلما تم الانتقام من حزب جبهة التحرير الوطني الذي قاد ثورة التحرير ضد فرنسا، وتعرض للتهديم انتقامًا من العربي بن مهيدي ورفقائه، وكل الرجال الذين تخرجوا من مدرسة الجبهة!

تكسير جهاز المخابرات والعبث بمؤسسة الجيش وإهانة كل الرجال الذين وقفوا في وجه الإرهاب وأولئك الذين حاربوا الجرائم الاقتصادية كان أيضًا بإيعاز من فرنسا التي كلفت عملاءها في الجزائر بتنفيذ خارطة طريق ستفضي إلى اختلال التوازن بين السلطات، وإحداث ارتباك في صفوف المؤسسة العسكرية التي تعرض أبناؤها لعمليات إرهابية خطيرة، وأدت إلى ازدياد العمليات الإرهابية وارتفاع عدد الإرهابيين والمجرمين

بعد زيارة هولاند الأخيرة أعطيت إشارة انطلاق عملية تحطيم المدرسة الجزائرية واللغة العربية من خلال إطلاق مشروع اعتماد العامية في الطور الابتدائي، وأعطيت إشارة تكسير الشركات العالمية للسيارات المعتمدة في الجزائر لصالح شركتي رونو وبيجو الفرنسيتين، وأعطيت أيضًا إشارة انطلاق مشاريع استثمار لشركات فرنسية، في انتظار إعادة بعث مشروع استغلال الغاز الصخري بعد امتصاص غضب أهل الجنوب من خلال إنشاء ولايات منتدبة جديدة ستتكفل بتوزيع الريع، وليس بتحقيق التنمية المحلية!

لقد بدأ ت تظهر معالم انهيار الدولة واختلال التوازن بين السلطات إلى درجة لا يمكن تحملها، وصار فيها شقيق الرئيس ومستشاره الخاص هو الرئيس الفعلي بـ”الهف”، يقرر ويعين ويقيل، ويهين ويهدد ويخيف الرجال، ويتحايل على قائد الأركان ومدير المخابرات، وعلى الشعب بأكمله برعاية فرنسية وصمت أميركي مقابل سكوت الجزائر عن القاعدة العسكرية التي تنوي أميركا إقامتها في تونس!

يحدث كل هذا بتواطؤ داخلي مباشر من أصحاب المصالح من أرباب المال الذين تزايد عددهم ونفوذهم، واستفاد بعضهم من إجراءات جبائية فريدة من نوعها جاء بها قانون المالية التكميلي الذي أقر تبييض أموال المافيا فجأة ومن دون سابق إنذار، ويحدث هذا أيضًا بتواطؤ غير مباشر من بعض الأحزاب والجمعيات والشخصيات الوطنية التي انساقت وراء كذبة كبيرة يسوق لها شقيق الرئيس في الكواليس بواسطة مؤيديه من رجال المال، وعن طريق المنتفعين والانتهازيين!

للأسف سيزداد ريتم الخداع في المرحلة القادمة، ويستفيق الجزائريون قريبًا على وطن عبث به المنتقمون من الجزائر بإيعاز من فرنسا، وسيكتشفون بأن المكر تغلب على الحكمة حتى صار للكعبة رب يتحكم فيها ويحطمها، بعدما كان لها رب يحميها، وشعب يفديها!

الوضع مثير للقلق والحيرة، ويعيد إلى الأذهان سؤال المرحوم محمد بوضياف: الجزائر إلى أين؟ ويقودنا إلى طرح تساؤلات أخرى على رجال الجزائر وشعبها وأحزابها ومؤسساتها لنقول لهم: هل مازلتم تنتظرون هدية من السماء، أو معجزة لإنقاذ الجمهورية؟ وهل مازلتم في انتظار أدلة أخرى على أن فرنسا خططت وقررت، وأتباعها بدأوا تنفيذ سيناريو تحطيم الجزائر وإغراقها في دوامة التخلف، ثم العنف، ثم التدخل الأجنبي المباشر؟ وهل أدركتم بان التوريث الفعلي بدأ سنة 2009 بعدما حكم عبد العزيز بوتفليقة عهدتين، وخلفه شقيقه السعيد الذي يحكم للعهدة الثانية بمبايعة من المنتفعين والمتواطئين؟ وهل أدركتم بأن معالم العهدة القادمة قد تم اعتمادها من طرف فرنسا بعيدًا عن الإرادة الشعبية، !

حفيظ دراجي

نشر في موق كل شيئ عن الجزائر بتاريخ 10 أغسطس 2015

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل