hafid derradji

رئيس الجمهورية يخاطبكم!!

بسم الله الرحمن الرحيم

شعبي العزيز

في ظل الأوضاع الحرجة التي تعيشها الأمة والانسداد السياسي الحاصل وغياب الانسجام الاجتماعي وتراجع القيم والأخلاق وازدياد مشاعر التذمر واليأس في مختلف الأوساط، قررت أن أتحمل مسؤولياتي السياسية والتاريخية، والاستجابة لما يمليه عليّ ضميري حفاظًا على مصلحة الشعب والأمة والدولة، ومستقبل الأجيال الصاعدة؛ تجنبًا لاستمرار الاحتقان والضغينة بين أبناء الشعب الواحد، وحفاظًا على كل المكتسبات التي تحققت بفضلكم جميعًا.

على الرغم من كل المجهودات التي بذلناها سويةً والإنجازات التي حققناها منذ الاستقلال، إلا أننا لم نحقق طموحات كل أبنائنا وبلغ التذمر والاحتقان درجة لا يمكن السكوت عنها، وبلغ التراجع في كل المجالات مستوى يهدد كيان الأمة وقدرات الدولة الكبيرة التي لم نستثمر فيها كما ينبغي، ولم أعد قادرًا على مجابهة كل التحديات؛ على الرغم من الجهود التي بذلتها رفقتكم منذ سنة 1999، ومحاولاتي المتكررة لتصحيح الاختلالات والوفاء بكامل التزاماتي أمام شعبي!

شعبي العزيز

بعد تفكير عميق ودون تردد، واستجابة لنداء الضمير الذي صار يؤنبني، قررت التوجه إليكم في هذه الظروف الخاصة التي يمر بها بلدنا لأعلن لكم قراري السيد بالتخلي عن منصب رئيس الجمهورية نهاية السنة الجارية حفاظًا على استقرار الوطن واستمرارية الدولة بعدما صرت عاجزًا عن القيام بواجباتي الدستورية، وتيقنت بأن الجزائر صارت في حاجة إلى نفس جديد، وبعدما تيقنت أيضاً من ضرورة تسليم الأمانة لجيل الاستقلال مثلما وعدت به ذات يوم أمام شعبي العزيز.

إذ أعلن اليوم عن قراري السيد بالتنحي؛ فإنني أقر رسميًا بانتهاء عهد الشرعية التاريخية والثورية وألتزم أمامكم بإعادة الكلمة السيدة للشعب، وأعدكم بإعداد دستور توافقي أستفتي فيه الشعب بعد ثلاثة أشهر من الآن، وأعدكم بتنظيم انتخابات رئاسية حرة ونزيهة نهاية السنة الجارية لن أدعوكم فيها إلى التصويت على أي كان، ولن أقصي أو أحقد فيها على أي مترشح أو حزب.

باعتباري رئيسًا شرفيًا لحزب جبهة التحرير الوطني أدعو أيضًا إخواني المناضلين إلى عقد مؤتمر استثنائي يتم فيه انتخاب قيادة جديدة للحزب، وألتزم بأن أبقى على المسافة نفسها مع كل المترشحين لقيادة حزب صارت تؤلمني الحالة التي وصل إليها، وأدعو بالمناسبة أيضًا كل الأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني والمنظمات الجماهيرية إلى الالتزام بالقيم والأخلاق ومبادئ الديموقراطية في ممارسة نضالهم.

شعبي العزيز

أغتنم هذه الفرصة لأقدم شكري لكل الذين ساندوني ووقفوا إلى جانبي على مدى 15 عامًا، وخاصة لأولئك الذين عملوا معي بإخلاص، وأقدم بالمناسبة اعتذاري لكل الذين أسأت إليهم بطريقة مباشرة أو عن طريق المقربين مني، وأقدم اعتذاري خاصة لكل الشعب الجزائري العظيم عن كل الأخطاء التي ارتكبتها في مساري في حق الرجال والمؤسسات.

أبناء بلدي الأعزاء

باسمكم جميعًا اسمحوا لي أن أتقدم باعتذار الدولة والأمة والشعب لكل من استشعر ظلمًا منذ فجر الاستقلال إلى اليوم، وأرجو من كل واحد منا أن يتجاوز مشاعر الحقد والانتقام والكراهية، وأدعو الجميع إلى التحلي بقيم التسامح والتآخي لمواصلة بناء الدولة التي كان يحلم بها آباؤنا وأجدادنا.

أما من جهتي، فإنني أشهد الله والشعب الجزائري كله على أنني لا أحمل غلًا أو حقدًا أو كراهيةً لأي واحد منكم، وأشهد الله على أنني سامحت كل من أساء إلي أو أخطأ في حقي، والله على ما أقول شهيد.

* كان هذا نص الخطاب الذي يحلم بسماعه كثير من الجزائريين بمناسبة ذكرى استرجاع السيادة الوطنية، يكبر إثره الرئيس في عيون أبناء شعبه، وتنتقل الجزائر إلى بر الأمان في كنف الحرية والديموقراطية دون تدخل أجنبي ودون حقد أو كراهية.

حفيظ دراجي

نشر في موقع كل شيئ عن الجزائر بتاريخ 25 مايو 2015

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل