بعد فترة وجيزة سيكتشف الجزائريون تفاصيل خدعة كبيرة تقود الوطن نحو المجهول تتمثل في ترشيح شقيق الرئيس ومستشاره الخاص السعيد بوتفليقة لمنصب رئيس الجمهورية، وعندها سيكتشف أحمد أويحي بأن ما صرح به منذ أسابيع بأن شقيق الرئيس لا ينوي الترشح هو مجرد كذبة، وتكتشف لويزة حنون التي صرحت بالمثل بأننا أمام عملية نصب واحتيال سيكون لها وقع كبير على الجزائر وأمنها واستقرارها، ويكتشف الشعب بأن السلطة هي التي تقود البلد نحو الانفجار باعتماد خيار التوريث!
سيدرك الجزائريون حينها لماذا خاض السعيد بوتفليقة الحرب ضد الجميع، ولماذا تم تفكيك جهاز المخابرات وتكسير المؤسسات والتضييق على المعارضة، ولماذا تم توزيع الريع بشكل واسع وشراء ذمم الشعب وتحييد النخبة عن المشهد السياسي، وسيدركون لماذا أحاط الرئيس نفسه بالرديئين والفاشلين والمنتفعين الذين سيصفقون ويدعمون مرشح الجماعة الذي يحافظ على استمرار منظومة الفساد التي نشرت الغباء والجهل والاستبداد، وحاربت الكفاءة والذكاء!
الظروف الصحية الصعبة للرئيس وضغوطات المعارضة، ومطالبة بعض الشخصيات بضرورة لقاءه وسماع صوته، واشتداد الازمة المالية كلها عوامل ستزيد في تسريع وتيرة السيناريو الذي يسمح بترشيح السعيد بوتفليقة لخلافة شقيقه خاصة وان الجماعة لم تتفق لحد الان على مرشح أخر يلقى الاجماع، ويسمح لهم بحماية مصالحهم والاستمرار في التحايل على الشعب واختطاف الدولة.
كل المعارك التي خاضها السعيد بوتفليقة لحد الأن لم تكن من أجل شقيقه الرئيس، بل كانت بالنسبة اليه معارك حياة أو موت لأجل استمراره في السلطة وحماية نفسه، وكل المعارك التي سيخوضها لاحقا ستكون ضد المقربين من الرئيس، وضد كل من تسول له نفسه التفكير في خلافة شقيقه حتى ولو كان هؤلاء هم سعيداني وسلال وأويحي!
بوتفليقة وشقيقه لا يثقان في أحد رغم كثرة المؤيدين والمحيطين بهما، ولكن سعيداني قد يقوده الطموح والغرور الى الترشح باسم الافلان وباسم الجبهة الجديدة التي دعا الى تأسيسها خاصة بعدما أعلن منذ أيام بأن حزب جبهة التحرير سيكون له مرشح لرئاسيات 2019، وخاصة إذا لم يتمكن الرئيس من تعديل الدستور وتعيين نائبا له بصلاحيات واسعة تسمح له باستكمال العهدة الرابعة في حالة رحيل بوتفليقة!
الجبهة التي دعا الى تشكيلها عمار سعيداني لدعم الرئيس ستتحول قريبا الى جبهة لدعمه كرئيس للجزائر استجابة لطموحاته اللامحدودة، وربما لدعم شقيق الرئيس الذي سيقولون عنه بأنه رجل المرحلة، الذي سيضمن الاستقرار للوطن والاستمرارية لكل المشاريع التي لم تكتمل، وسيضمن الانتقال السلس للسلطة بين الشقيقين. والحقيقة أنه يضمن استمرارهم وبقائهم في السلطة، واستمرار الدكتاتورية والرداءة، وتغول سلطة المال التي ستستثمر كل ثرواتها لتنفيذ سيناريو التوريث.
أقرب المقربين من منظومة الحكم سيصدمون بدورهم مثلما حدث لسلال وأويحي اللذان كانا يتوقعان أن يقع اختيار الرئيس على واحد منهما لخلافته، لكنهم بدأوا يتفطنون لما يخطط له السعيد مع عمار سعيداني وعلي حداد لذلك رفض اويحي الانضمام الى الجبهة التي أعلن عن تأسيسها زعيم الأفلان مما سيكلفه منصبه كمدير للديوان، وسينقلب عليه رفقائه في التجمع الوطني الديموقراطي، مثلما سينقلب أخرون على كل رؤساء الأحزاب والمنظمات والجمعيات الذين يرفضون سيناريو التوريث.
اما الوزير الأول عبد المالك سلال الذي كان بوتفليقة يرشحه لخلافته في وقت ما فقد تم عزله عن المشهد السياسي، وتقييد تحركاته، من خلال تشكيل حكومة موازية لحكومته يقودها علي حداد وعبدالسلام بوشوارب اللذان اقنعا الرئيس بضرورة ترشيح شقيقه السعيد لخلافته من الأن قبل أن يتغول عمار سعيداني، واعطيا له كل الضمانات بأن الأمر سيتم بسهولة ودون معارضة شعبية بعدما تم اخضاع كل مؤسسات الجمهورية للسلطة المطلقة للجماعة!
السيناريو يلقى معارضة بعض الجهات بما في ذلك تلك الموالية لبوتفليقة لأنها تخاف من رد الفعل في الداخل والخارج، وسيلقى دون شك معارضة شديدة في الأوساط السياسية والإعلامية والشعبية التي سترفض التوريث الذي تخطط له جماعة تتلاعب بشؤون الدولة وتدفع الى الانفجار الاجتماعي لإعادة خلط الأوراق مما سيقودنا نحو المجهول، ويعيدنا سنوات الى الوراء في ظل تراجع المداخيل ولجوء الحكومة الى رفع أسعار الكثير من المواد الأولية وأسعار الخدمات واعتماد سياسة التقشف وشد الحزام!
الفراغ الحاصل اليوم والغموض الذي يكتنف الوضع بسبب عجز الرئيس وتغييبه عن المشهد سيزيد من طموح السعيد وسعيداني ومن معهما، الا إذا حدثت معجزة ربانية تقلب الموازين وتعيد كل واحد الى حجمه الحقيقي، لكن الأكيد أن المعركة القادمة ستكون بين السعيد وسعيداني على خلافة بوتفليقة، وبدأها شقيق الرئيس بأن طلب من زعيم الأفلان التزام الصمت وعدم إطلاق تصريحاته الاستفزازية كتلك التي أطلقها منذ أيام! والمعركة الكبيرة ستكون بين العقل والجنون من اجل الجزائر!
حفيظ دراجي
نشر في موقع كل شيئ عن الجزائر بتاريخ 23 نوفمبر 2015