hafid derradji

أنتم “دي أر أس” الجديد! Vous etes le nouveau DRS

كان يقال لنا في السابق إن جهاز الاستعلامات والأمن “دي أر أس” لم يكن يصنع الرؤساء ولم يكن يعين الوزراء والسفراء والمديرين، ولم يكن يتدخل في الحياة السياسية والعامة، وأن بوتفليقة هو الذي كان يحكم ويقرر على مدى 15 عامًا، لكن مع مرور الوقت انقلب أصحاب الرأي نفسه وراحوا يقرون بأن الجهاز كان يمثل دولة موازية ويتدخل في كل شيء؛ لذلك حان الوقت لبناء الدولة المدنية التي يكون فيها الشعب هو السيد ويكون فيها المدني صاحب الكلمة على حساب العسكري!

كلامهم يعني بأن جهاز المخابرات هو الذي نصب بوتفليقة رئيسا وهو الذي نصبهم في مواقعهم، وبأن الرئيس كان ثلاث أرباع الرئيس على مدى 15 عامًا، وفي ذلك تشكيك في شرعية بوتفليقة وشرعية كل المؤسسات القائمة التي رضيت بصلاحيات منقوصة طوال هذه الفترة، وعندما انكشف فشلهم وتقصيرهم وشرع جهاز المخابرات في التحقيق في فضائح الفساد التي تورطوا فيها راحوا يتحالفون ضده لتفكيكه وإهانة رجاله!
كلامهم يعني أيضا أن الجهاز لم يعد يوافقهم ولم يعد يؤيدهم في ممارساتهم؛ لذلك شعروا بالخطر فقاموا بتكسيره وإفراغه من رجاله بتواطؤ من فرنسا التي انتقمت من الجيش، وراحوا يتبنون الممارسات نفسها التي قالوا إن “دي أر أس” كان يمارسها، فاختطفوا الرئيس وعزلوه عن شعبه، وأقالوا من مناصبهم كل من يشتمون فيه رائحة الرجولة، واستحوذوا على ما بقي من مؤسسات الجمهورية وبدأوا يخططون لخلافة بوتفليقة بدعم من مافيا المال التي صارت طرفا فاعلا في “دي أر أس” الجديد.

مع مرور الوقت انكشفت النوايا وتبين لنا بأن دعاة الدولة المدنية على الطريقة الجزائرية يريدون تعويض “دي أر أس” والانفراد بالسلطة واختطاف الدولة وإهانة الشعب بعد تكسير جهاز المخابرات والانتقام من رجاله الذين قادوا التحقيقات في فضائح الفساد والنهب التي شهدتها فترة حكم بوتفليقة، وتبين لنا بأن حملة التشويه التي تعرض لها الجهاز كانت مقصودة، وكانت الغاية منها التخلص من كل من في إمكانه معارضة مشروعهم البوليسي والدكتاتوري الذي يقوده أشخاص تلطخت أيديهم بالمال الفاسد ولا يتحلون بثقافة الدولة ولا يتصورون أنفسهم خارج السلطة حتى ولو دفعوا بالبلد نحو الانفجار!

كل حملات التشويه التي تعرض لها جهاز الأمن والاستخبارات، والإقالات والمتابعات التي طالت رجاله من طرف أشخاص صنعهم الجهاز نفسه، كان الغرض منها خلافته وتعويضه في اختيار الرئيس والوزير الأول والوزراء والمديرين وكل المسؤولين، وبسط سيطرتهم على الحياة العامة من خلال ممارسة كل أشكال التهديد والتخويف والتخوين ضد المعارضة والصحافة المستقلة، وضد الشخصيات والرجال والنساء الذين رفضوا الانخراط في منظومة تفكيك الدولة!
لقد انكشفت نواياهم بعدما خرجوا إلينا فجأة ليقولوا إن جهاز “دي أر أس” كان يمثل دولة موازية، وهم الذين كانوا يدافعون عنه ولم يتجرؤا على انتقاده يوما إلا بعدما تمكنوا من إبرام صفقة مع فرنسا ومافيا المال، وبعدما أحدثوا فتنة داخل مؤسسة الجيش بين قيادة الأركان وجهاز المخابرات لينفردوا بسلطة القرار في تقرير مصير الجزائر والجزائريين باسم الدولة المدنية التي ليست سوى الوجه الآخر للدولة البوليسية!

“دي أر أس” الجديد المتكون من السعيد بوتفليقة وعمار سعيداني وعلي حداد سيفرج قريبا عن الدستور الجديد الذي كان يعارض بعض بنوده الجنرال التوفيق، وبعدها سينقلبون على الرئيس بوتفليقة ويعلنون شغور منصب الرئيس، ويختارون مرشحهم السعيد أو سعيداني اللذين سيلقيان دعما من الجبهة التي شكلها زعيم الآفلان وانخرطت فيها أحزاب وجمعيات ومنظمات ونقابات وشخصيات، صنعها “دي أر أس” القديم ويستعملها “دي أر أس” الجديد.
بعد الانقلاب على الرئيس سينقلب “دي أر أس” الجديد على عبد المالك سلال وأحمد أويحيى وربما على قائد أركان الجيش لأنهم يشكلون خطرا على مشروعهم، ليستولوا بعد ذلك على كل السلطات والصلاحيات، ويتفرغوا بعد ذلك لسلسلة تصحيحات وانقلابات على زعماء أحزاب المعارضة مثل حمس وحزب العمال وطلائع الحريات، ويسعون لتكميم أفواه كل من ينتقد ممارسات المنظومة!

“دي أر أس” الجديد بدأ من الآن مهمة التضييق على القنوات التلفزيونية الخاصة والصحف المستقلة، ومساومتها بصفحات إشهارية وإعلانات مقابل سكوتها عن كل الممارسات البوليسية التي نعيشها هذه الأيام، وكلف من أجل ذلك وزير الاتصال بمهمة القيام بحملات تشويه مباشرة وغير مباشرة ضد الرجال والنساء وكل الشرفاء الذين لم يقدروا على إسكاتهم أو شراء ذممهم.

ممارسات “دي أر أس” الجديد صارت مفضوحة، وستكون تداعياتها خطيرة على الجزائر التي يتعرض شعبها للاستفزاز والابتزاز، وتتعرض خيراتها للنهب والسلب، وتتعرض سيادتها للانتهاك وسمعتها للتشويه من طرف جماعة من الحاقدين الذين لا هم لهم سوى الانتقام من الشعب والجيش للبقاء في السلطة والاستمرار في مواقعهم لحماية بعضهم البعض ومواصلة نهب ما تبقى من ثروات بعدما فككوا جهاز المخابرات وتحكموا في أجهزة الدولة وضمنوا دعم فرنسا مقابل تنازلات سياسية واقتصادية لم يسبق لها مثيل.

حفيظ دراجي

نشر في موقع كل شيئ عن الجزائر بتاريخ 14 ديسمبر 2015

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل