hafid derradji

لا نريد كاس أمم افريقيا!

كأس أمم افريقيا بالنسبة لعشاق الكرة في الجزائر ستبدأ اليوم بمناسبة الخرجة الأولى لمنتخبنا، وتبدأ معها دعوات وتمنيات من يتحكمون في رقابنا وأتباعهم بتتويج المنتخب الجزائري باللقب لربح مساحة زمنية من السلم الاجتماعي تنسينا غياب الرئيس وتغييب المؤسسات وتنسينا الانسداد السياسي الحاصل والتحايل المستمر على الشعب، وتنسينا تداعيات انخفاض أسعار النفط، وذلك الحراك الحاصل في الجنوب بسبب الرفض الشعبي الواسع لاستغلال الغاز الصخري ورفض سياسة التهميش و”البريكولاج” المنتهجة من طرف السلطة تجاه مختلف قضايا الأمة.

الجماهير الجزائرية العاشقة لوطنها بإخلاص تحلم بالتتويج حبا في المنتخب وبحثا عن فرحة تنسيها همومها اليومية، وتنسيها الفشل والاخفاقات المتكررة في الرياضات الأخرى وفي مجالات متعددة، والسلطة من جهتها تتمنى تألق وتتويج المنتخب الجزائري لإلهاء الشعب وتمرير مشاريعها الفاشلة والاستمرار في اختطاف الدولة واختطاف جبهة التحرير والاتحاد العام للعمال الجزائريين وباقي المؤسسات الدستورية التي تحولت إلى كيانات دون روح في عهد بوتفليقة ومحيطه.

ورغم تعلقهم بمنتخبهم وحبهم لوطنهم فإن الجزائريين لا يريدون الفوز بكأس أمم افريقيا وخسارة وطنهم وسيادتهم ومستقبلهم، بل يريدون رؤية وسماع رئيسهم كل مرة لتطمئن قلوبهم، ويريدون وطنا يسع الجميع ويبنيه الجميع دون حقد وإقصاء، ودون نهب وسرقة، وطنا خاليا من الرشوة والحقرة والجهوية التي ازدهرت منذ مجيء بوتفليقة مثلما ازدهر الفساد وتراجعت القيم والأخلاق.

الجزائريون لا يريدون التتويج بكأس أمم إفريقيا، ولا يريدون فقط منتخبا قويا بل يريدون منتخبات قوية في كل الرياضات، ورياضة مزدهرة في مستوى الطاقات الشبانية التي يزخر بها الوطن، ويريدون بلدا قويا بمؤسسات محترمة تخضع لدستور محترم وقوانين تسري على الجميع، وليس بلدا يهين المؤسسات والرجال، ويديره شخص واحد بالوكالة يستمد قوته من ضعفنا وخوفنا ومن احترامنا لوطننا وشعبنا.

الجزائريون لا يريدون التتويج بكأس أمم افريقيا ليستمر بعدها استغفال الشعب والتحايل عليه ويقولون له بأن التتويج جاء بفضل فخامته وسياسته الحكيمة وعنايته الكريمة في سيناريو يتكرر كل مرة من خلال اختزال الوطن في شخص رجل واحد أفرغ المؤسسات من محتواها، وأحدث الفراغ حوله حتى يسود الاعتقاد بأن بوتفليقة هو الوحيد القادر على قيادة الأمة حتى ولو كان على كرسي متحرك.

أما أهلنا في الجنوب فهم لا يريدون كأس أمم افريقيا التي قد تشغلهم عن قضاياهم الأساسية ومعاناتهم اليومية بل يريدون عدالة اجتماعية وكرامة إنسانية ويحتاجون إلى سلطة تحترمهم وتقدرهم وتحاورهم وتحل مشاكلهم المتراكمة من زمان في غرداية وعين صالح وورقلة وأدرار وتمنراست وغيرها من مدن الجنوب التي بلغ التذمر في أوساط سكانها درجة لا مثيل لها عبر تاريخ الجزائر.

نحن لانريد كأس أمم افريقيا بل نريد أن تتحول معسكر إلى كاليفورنيا الجزائر مثلما وعد بوتفليقة في حملته الانتخابية، ونريد دستورا جديا في مستوى بلد من حجم الجزائر وليس على مقاس الرئيس، ونريد انتخابات رئاسية مسبقة بسبب عجز الرئيس عن القيام بمهامه، وبعدها نبني جمهورية ثانية بمجالس شعبية شرعية جديدة نابعة من الإرادة الشعبية وليس من إرادة شخص واحد مهما كانت طبيعته.

رغم تعلقهم بمنتخب بلادهم وحاجتهم للفرحة فإن الجزائريين لا يريدون كأس أمم إفريقيا إذا كانت ستزيد من عمر المنظومة الحالية وتطيل من عمر الأزمة السياسية والاقتصادية والأخلاقية، وتعزز سيطرة تحالف رجال الأعمال الفاسدين مع المنتفعين من المنظومة القائمة للاستمرار في مواقعهم واستنزاف خيرات هذا الوطن وإبقائه رهينة بين أيادي نشك أحيانا في كونها جزائرية لأنها تعمل ضد مصلحة الجزائر والجزائريين!

حفيظ دراجي

نشر في موقع كل شيئ عن الجزائر بتاريخ 19 يناير 2015

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل