hafid derradji

كل من يعارضكم فهو خائن!!

كل يوم يمر نزداد قناعة بأن السلطة القائمة في الجزائر تتعامل معنا بكل أنواع التحايل ولا تتردد في استعمال كافة الطرق والوسائل الرخيصة من أجل استغفال الشعب و تخوين من يختلف معها، ونزداد قناعة أيضا بأن من يهدد استقرار الوطن ليست الأطراف الخارجية أو المعارضة السياسية الداخلية، ولا الإسلاميين أو العلمانيين، ولا الأمازيغ والإباضيين وأهلنا في الجنوب، ولا المحتجين في قطاعات الصحة والتعليم والسكن وكل أولئك الذين ينددون بالحقرة وبالفساد والرداءة المتفشية في عديد المجالات.

الذين يهددون استقرار الوطن ومستقبل الأجيال هم أولئك الفاشلون الذين يسيرون شؤون الوطن ويصرون على أخطائهم ويستمرون في مواقعهم رغم كل الخيبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومع ذلك لايترددون في تخوين من ينتقدهم  واقصاء كل من يختلف معهم في سيناريو يزيد من حدة الاحتقان والانتقام وتصفية الحسابات، وينعكس على المعنويات وعديد المجالات.

في كل مرة كانت تهتز منطقة القبائل ويجدد أهلنا مطالبهم المشروعة في اعتماد الأمازيغية لغة وطنية والمطالبة بالمزيد من الحريات وشروط العيش الكريم تواجههم الآلة الدعائية باتهامهم بالعنصرية والجهوية ومحاولة إثارة الفتنة مثلما حدث مع الإباضيين في غرداية و يحدث اليوم مع باقي سكان الجنوب في مختلف المدن ممن يخرجون كل يوم معبرين عن رفضهم لاستغلال الغاز الصخري، ورفضهم للظروف الصعبة التي يعيشونها رغم كل الخيرات التي ينامون فوقها، بل وصل الأمر بالبعض إلى احتقار ذكائهم ومشاعرهم من خلال الحديث عن أيادٍ خارجية ومخابرات أجنبية تحرك أهلنا في الجنوب وكأنهم عملاء متآمرون ضد الوطن!

أما عندما تُجمِع المعارضة على فشل المنظومة القائمة وضرورة إحداث التغيير، وعندما يحتج الإسلاميون أو اليساريون أو حتى الديموقراطيون ضد تزوير الانتخابات وغلق المجال الاعلامي والتضييق على الحريات والفشل في تسيير شؤون البلد يتهمونهم بإثارة الفوضى وتهديد استقرار الوطن والوحدة الوطنية، ويتهمونهم بعرقلة المسار الديموقراطي والوقوف ضد الإرادة الشعبية التي اختارت رئيسا عاجزا لا تشاهده ولا تسمعه، وهي راضية على كل أشكال النهب والسرقة والتراجع في عديد المجالات التي لم تسلم من الاحتجاجات .

عندما يحتج رجال الشرطة والأئمة وطلبة وأساتذة المدارس والجامعات وموظفو قطاعات التربية والصحة على ظروفهم المهنية السيئة تتهمهم بعض الأبواق باثارة الفوضى وتهديد استقرار الوطن ومحاولة جر الجزائر إلى ربيع عربي وفوضى تهدد الاستقرار والأمن الذي نعيشه! وهو في الحقيقة أمن واستقرار لهم في مواقعهم لحماية مصالحهم ومكاسبهم الغير مشروعة التي تحصلوا عليها طيلة فترة حكم الرئيس بوتفليقة الذي تعمد تعميم الفساد ليورط أكبر عدد ممكن من المسؤولين ليشكلوا جبهة واسعة تقاوم الدعوات إلى التغيير!

المهاجرون والمغتربون من جهتهم لم يعد لهم الحق في التعبير عن انشغالاتهم تجاه وطنهم وأوضاع بلدهم وسرعان ما نتهمهم  بالعمالة لفرنسا وقطر وأمريكا، ونخونهم وندعو إلى حرمانهم من حقهم في الحديث عن وطنهم لأنهم لايعيشون فيه ويأتمرون بأوامر مخابرات أجنبية رغم أن الكثير ممن يسوقون لذلك هم من يتآمرون على مصالح الوطن من خلال تنازلهم عن كثير من المبادئ وتنازلهم عن الكثير من المكاسب والمصالح لفرنسا وأمريكا.

هذا هو حال كل من يعارض المنظومة القائمة في الجزائر وكل من يختلف معها وينتقد ممارساتها، ولكن عندما تتكلم السلطة وأتباعها فإنهم يختزلون الوطن في شخص الرئيس و يعطون الانطباع بأنهم يحبون  الوطن ويخافون عليه أكثر منا و يحتكرون الوطنية لأنفسهم علما أننا ندرك ويدركون بأنهم هم من يهددون استقرار الوطن والوحدة الوطنية  ويرهنون مستقبل الأجيال بفعل ممارساتهم الاقصائية وحقدهم على كل من يختلف معهم ، وبفعل اعتمادهم سياسة التخويف والتخوين والتشكيك في كل النوايا الصادقة التي تندد بالحكم الفردي والدكتاتوري لمحيط الرئيس، وتندد بالجهوية وتغول سلطة المال بعيدا عن مؤسسات الدولة وعن قوانين الجمهورية، وبعيدا عن طموحات أبنائنا في بناء دولة المؤسسات والقانون لا دولة الأشخاص

حفيظ دراجي

نشر في موقع كل شيئ عن الجزائر بتاريخ 26 يناير 2015

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل