hafid derradji

51 ألف مليار سنتيم !!!

هو الرقم الذي صرفته الدولة الجزائرية على قطاع الرياضة على مدى خمسة عشر عاما حسب وزير الرياضة، ولم أقدر على استيعابه واستيعاب الاعتقاد السائد في الجزائر بأن الاهتمام بالرياضة وتحقيق النتائج مرتبط بحجم الأموال التي ننفقها على القطاع ومع ذلك وصلنا إلى تراجع لم تشهده الحركة الرياضة من قبل رغم توفر الموارد المالية والبشرية والاطارات الإدارية والفنية، وتوفر مواهب رياضية خارقة في السباحة والملاكمة وألعاب القوى والجيدو وفي الرياضات الجماعية التي انهارت كليّةً وراح الجميع يختفي وراء منتخب كرة القدم الذي تأهل مرتين متتاليتين إلى المونديال بفضل استراتيجية الاتحادية لوحدها !!

واحد وخمسون ألف مليار سنتيم هو رقم يبدو كبير ولكن الإخفاق والتراجع أكبر بكثير في بلد من حجم الجزائر، هو رقم يستدعي الوقوف عنده لمعرفة كيف أنفق ومحاولة فهم وشرح هذا التناقض بين ما أنفق وما حصدناه من نتائج، والتأكيد على تطوير الرياضة وتحقيق النتائج لا يتوقف على حجم الأموال التي تنفق بقدر ما يرتبط بالسياسة ولاستراتيجية المنتهجة للارتقاء بالممارسة والنهوض بالرياضة الجزائرية !!

ماعدا المنتخب الوطني لكرة القدم الذي لا يخضع لوصاية السلطات وينعم بالاستقلالية المالية والتنظيمية فإن التراجع المتزايد مسّ كل الرياضات منذ بداية الألفية، بينما تعاني كل الاتحاديات من شح الموارد المالية وضعف ميزانيات التسيير حتى أن بعضها لا تقدر على تغطية تكاليف تنظيم المنافسات، ولا تملك الموارد لتنظيم تربصات منتخباتها داخل وخارج الوطن، ولا تقدر على اقتناء حاجياتها الأولية والنتيجة كانت غيابا كليا لرياضيينا في المحافل الدولية رغم كل الذي تم إنفاقه على القطاع!

الأموال التي صرفت أيضا لم نبنِ بها ملعبا محترما واحدا، ولم نشيد بها مركزا للتحضير بحجم مركز سيدي موسى، ولم نستثمرها في إعادة تأهيل وتهيئة المرافق الموجودة، وحتى مركب محمد بوضياف الذي استهلك بين 2005 و2007 أكثر من ألف مليار سنتيم لترميمه نجده اليوم مغلقا لإعادة ترميمه وإصلاح أرضيته مجددا بعدما تحول إلى مقبرة يموت فيها أبناؤنا، ما يدل على أن الأموال ليست كل شيء في الرياضة وغياب سياسة وطنية في مجال الرياضة هو السبب الرئيس في كل التراجع الحاصل.

الجزائر شهدت على مدى خمسة عشر عاما ثلاثة تغييرات لقانون التربية الرياضية والبدنية وثماني وزراء للشباب والرياضة عمدوا إلى تسيس الرياضة وتجنيد الرياضيين والجمعيات الرياضية لخدمة العهدات الأربعة لبوتفليقة واستغلال النتائج الرياضية عوض الاستثمار فيها وفي الطاقات الشبانية التي تتوفر عليها الجزائر مثلما حدث مع المنتخب الجزائري الذي وصل بنا الأمر إلى اعتبار تألقه من إنجازات بوتفليقة العظيمة !!

حفيظ دراجي

نشر في يومية الشروق بتاريخ 2 نوفمبر 2014

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل