hafid derradji

لا أقدر على الكتابة في الرياضة (9)

أدرك جيدا بأن الشباب الجزائري يستمتع بأداء ونتائج المنتخب الوطني لكرة القدم، وأدرك بأن مواصلة الكتابة في شؤون الوطن بعيدا عن الرياضة يزعج البعض ويتأسف له البعض الأخر من الذين يحبذون ان أكتفي بالكتابة في مجال تخصصي، لكنني ما زلت على موقفي مضطرا لعدم الخوض في الرياضة الى اشعار أخر لأن الفرحة التي يصنعها منتخب الكرة تقابلها حسرة وأسف وخيبة يصنعها الرئيس ومحيطه وبعض الساسة والمسؤولين الذين يصرون على المساس بهيبة الدولة والعبث بمؤسساتها..

لست بحاجة للكتابة عن منتخب الكرة لأنني كتبت عنه الكثير وتوقعت من زمان مثل هذا التألق في وقت كان فيه الكثير من الفنيين والإعلاميين يتوقعون ويتمنون اخفاقه وفشله، ولست بحاجة للكتابة عن البطولة المحترفة لأنها منحرفة بمستواها ومستوى الكثير من مسيريها ومدربيها، كما أنني لست بحاجة الى الكتابة عن الرياضات الأخرى لأنها غير موجودة أصلا بعدما تراجعت كل الرياضات الفردية والجماعية وصار الكل يختفي وراء تألق منتخب الكرة  ..

لن أكتب عن تأهل المنتخب الوطني الى نهائيات كاس أمم افريقيا لأنه تحصيل حاصل وكان منتظرا ومتوقعا، ولن أكتب ما دام الفلاسفة والمنظرون مستمرون في حقدهم على كل ما هو جميل وتجدهم ينتقدون الأداء عندما يفوز المنتخب!! ولما يفوز بالنتيجة والأداء يقولون بان المنافس ضعيف!! رغم أنهم فشلوا مع النوادي والمنتخبات التي أشرفوا عليها !!

لن اكتب في الرياضة بعدما بلغ التذمر لدرجة برجال الأمن للخروج الى الشارع للتظاهر والاحتجاج على أوضاعهم الاجتماعية والمهنية الرديئة في سابقة فريدة من نوعها تعاملت معها السلطة بكيفية غريبة ستدفع فئات اجتماعية أخرى للخروج الى الشارع

لن اكتب في الرياضة لان أهلنا في غرداية يتألمون باستمرار من القهر واللاأمن ويتحملون أعباء الفشل الذريع في إدارة أزمة طالت وتفاقمت وانعكست سلبا على كل الجزائر والجزائريين الذين لم يقدروا على استيعاب وفهم تماطل السلطات في تحمل مسؤولياتها السياسية والاجتماعية لحل المشاكل العالقة في منطقة دفع أهلها ثمنا غاليا من أجل الحياة الكريمة !!

لن أكتب في الرياضة لأن كل شيء متوقف في الجزائر على ظهور الرئيس من عدمه على شاشة التلفزيون، وكل شيء متوقف على تفاصيل لا علاقة لها بدولة المؤسسات التي يبقى فيها كل شيء معطل ومؤجل أو مرتبط بشخص الرئيس !! فلا دستور ولا اجتماعات لمجلس الوزراء ولا حياة حديثة ومتطورة لأبنائنا، ولا أفاق مستقبلية واضحة المعالم !!

نظرا لكل هذا سأواصل الكتابة عن الإخفاقات والانتكاسات التي تنتجها السلطة في عديد المجالات الى درجة قد يتحول فيها الشارع الى مسرح لطرح وحل المشاكل بعيدا عن مؤسسات الدولة والأحزاب المعارضة والشخصيات الوطنية التي صارت مهمشة وقد يتم اللجوء اليها مجددا عندما يشتد الخناق على من يتحايلون علينا كل يوم

حفيظ دراجي

نشر في يومية الشروق بتاريخ 19 أكتوبر 2014

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل