hafid derradji

كيف هي أحوالك يا جزائر

في كتابه الشهير تساءل المجاهد المرحوم محمد بوضياف ذات يوم قائلا “الجزائر إلى أين “؟ وإلى حد الآن لا يزال ذلك السؤال مطروحا دون أن نعرف إلى أين نتوجه في ظل الركود والجمود الذي يطبع الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الفكرية والأخلاقية التي نعيشها !! وبعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر عن الانتخابات الرئاسية، وانقضاء مونديال البرازيل بما حمله من متعة وفرحة عاد الجزائريون إلى يومياتهم وانشغالاتهم يتساءلون عن أحوال الجزائر بعيدا عن الكرة والمنتخب الوطني وبعيدا عن خصوصيات شهر رمضان الكريم..

بعض الجزائريين يتساءلون عن مصير منتخبهم بعد تألقه في المونديال وهل سيحافظ على توازنه بعد ذهاب حليلوزيش، ولكن الكثير يدركون بأن الكرة ليست كل شيء في حياتنا وراحوا بعد المونديال يسألون عن أحوال الجزائر ومصير المشاورات السياسية حول تعديل الدستور، ويتساءلون عن الأوضاع في غرداية وكيف سيكون الدخول الاجتماعي المقبل، ويتساءلون مجددا عن الوضع الصحي لرئيسهم وهل هو قادر على قيادة الأمة وممارسة مهامهم كما ينبغي في ظل التحديات التي تنتظرنا !!

كرويا استفاق الجزائريون على اختفاء تلك الاصوات الجاحدة والحاقدة التي كانت تنتقد المدرب والمنتخب وتتوقع اخفاقا في المونديال، واستفاقوا على وقع الكذب والنفاق الذي مارسته بعض وسائل الاعلام للتقليل من شأن الانجاز والاساءة للمدرب الوطني السابق بمجرد أنه رفض الاستمرار في تدريب الخضر!!

بعد انتهاء المونديال اكتشف الجزائريون بأن المشاورات السياسية المتعلقة بتعديل الدستور قد انتهت كما بدأت وقد تؤول إلى ما آلت عليه المشاورات السابقة التي قادها رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح رغم أن الأمر يتعلق بمناقشة وثيقة هامة تقوم عليها الدولة التي نريدها لأبنائنا بعيدا عن كل الصراعات والحساسيات المعلنة والخفية التي لاتزال قائمة بين عديد المؤسسات ..

وجدنا الاوضاع في غرداية كما كانت عليه سابقا أو ربما أسوء مما كانت عليه بسبب الاستخفاف بخطورة الوضع وسطحية المعالجة الى أن وصل عدد القتلى إلى عشرة مواطنين جزائريين لا يعرفون لماذا قتلوا، لكن الأحياء يعرفون بأن التهجير والتدمير بلغ درجة لا مثيل لها أمام عجز كبير للسلطات عن اطفاء نار الفتنة وصمت رهيب من الأحزاب والشخصيات الوطنية وكأن الأمر يحدث في بلد آخر وزمن مغاير !!

بعد المونديال استفاق الجزائريون على مشاركة وفد جزائري من العسكر والمدنيين في الاحتفالات المئوية الفرنسية لذكرى الرابع عشر جويلية رغم معارضة الكثير من الجزائريين والفرنسيين في حد ذاتهم وفي وقت لم يعد للاحتفالات بعيد استقلال الجزائر أي لون أو طعم، ولم يعد أبناؤنا يتذكرون تضحيات آبائهم إلا من خلال ما تعرضه نشرات الأخبار الرسمية ليلة الخامس جويلية من صور ووقفات لا تعكس حجم تلك التضحيات !!

استفاق الجزائريون بعد المونديال على حياة سياسية وثقافية تعيسة ذهب أصحابها في عطلة ، و تفاقم الأزمة الفكرية والأخلاقية بسبب استمرار الرداءة على مستويات عدة واستمرار ملاحقة النخبة وتفتيتها حتى يعم الجهل والفساد يومياتنا ويبقى الحال على ما هو عليه تحت سيطرة عصابة تريد أن تقتل في الجزائريين كل إرادة في التغيير وبناء دولة المؤسسات والكفاءات والقوانين لا دولة الولاءات التي لا يعرف أصحابها كيف سيكون حالنا بعد أشهر وأسابيع من الآن لأن مستقبل الوطن يتوقف عندهم دون غيرهم  ومن يريد معرفة الجواب عن أحوال الجزائر نقول له بأنها مبنية للمجهول ولا ندري الى أين تتجه !!

حفيظ دراجي

نشر في موقع كل شيئ عن الجزائر بتاريخ 21 جويلية 2014

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل