hafid derradji

يموتون شهداء ونموت جبناء !!

يعتقد الكثير من العرب والمسلمين بأن الفلسطينيين في محنة وبحاجة لمساعدتنا ودعمنا وتعاطفنا ، وبحاجة لبيانات الشجب والتنديد وملايين الدولارات التي نتصدق بها عليهم لإعادة اعمار ما يدمره الكيان الصهيوني كل مرة ، ويعتقد الكثير منا بأن اخواننا هم أكثر شعوب الأرض قهرا ومعاناة ، ولكن الحقيقة أننا نحن المساكين ونحن الضعفاء والجبناء الذين نتألم كل يوم من الجبن الذي يلازمنا ومن قهر حكامنا وظلمهم ومن الجهل والتخلف والهوان والموت البطيء، ونحن الذين نحتاج للتعلم من شجاعة الفلسطينيين ورجولتهم وبطولاتهم التي يظهرونها كل يوم في مواجهة العنف الاسرائيلي والجبن العربي ..

الفلسطينيون في الأراضي المحتلة يعيشون شرفاء ويموتون أبطالا ومن يموت دفاعا عن وطنه وشرفه لا يحتاج الى تعاطف بقية العرب والمسلمين الذين يتاجرون من زمان بالقضية الفلسطينية خوفا من اسرائيل وطمعا في رضا أمريكا واللوبي الصهيوني لذلك فهم في أمس الحاجة للمساعدة على تجاوز جبنهم وتخاذلهم وبحاجة لكي يتعلموا من الفلسطينيين معان الشرف والعزة والكرامة ..

الفلسطينيون يموتون شهداء بالعشرات يوميا لكننا نموت جبناء كل يوم عشرات المرات من شدة الذل والهوان والخوف على حياتنا التي لم يعد لها معنى مادامت تموت جوعا وعطشا ، وتموت من شدة البرد أو الحر ، والقهر أو الظلم الذي نمارسه على بعضنا البعض وتموت من شدة الحقد والكراهية التي تسود بين الأفراد والجماعات، وبين الدول والحكومات العربية في حد ذاتها ..

الفلسطينيون أقوياء بصبرهم وثباتهم وشجاعتهم و بقية العرب هم الضعفاء بجبنهم وتخاذلهم وتواطؤهم ، والعرب هم الأموات وليسوا الفلسطينيين ، وهم الذين سيعاقبهم التاريخ في وقت يصنع الفلسطينيون التاريخ بصمودهم في وجه عنف اسرائيل وصمتنا ، كما أن الجنة عرضها السموات والأرض وتسع كل الشهداء الشرفاء والأبطال  ولكن مزبلة التاريخ ستكون جهنم الدنيا التي لا تسع الأعداد المتزايدة من الخونة الذين يتأمرون على أبناء شعبنا الفلسطيني، والجبناء الذين يكتفون بالشجب والتنديد وهم يشاهدون الأطفال والنساء يقتلون  كل يوم !!

الحرب الأخيرة على غزة كشفت عن شجاعة وجرأة عربية من نوع أخر من حكام واعلاميين لم يترددوا في دعم العدوان الاسرائيلي في تحد جديد لشعوبهم والرأي العام بحجة محاربة الارهاب والجماعات الاسلامية المتطرفة حتى أن اسرائيل كانت رحيمة في وصفها لأبطال المقاومة الفلسطينية “بالمخربين” في حين وصفتهم بعض الابواق العربية بالإرهابيين والقتلى وليس المقاومين والشهداء في سيناريو هو الأسوأ من نوعه في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي !!

بالله عليكم ألسنا بحاجة الى تعاطف ومساندة ومساعدة من اخواننا الفلسطينيين  لنتعلم منهم معان الرجولة والبطولة ؟ ومن هو بأمس الحاجة الى الشفقة، هل الجبناء أم الشهداء ؟ ومن فينا الميت من الحي الذي يحتاج الى العطف والشفقة والتضامن؟  وهل تكفي اعادة الاعمار والتبرع بالغذاء والدواء لكي نعبر عن مساندتنا لأبناء شعبنا ؟ وهل هم فعلا بحاجة الينا أصلا ؟ وهل ندرك بأننا كنا السبب في تعقيد القضية الفلسطينية واستمرار الاحتلال والعدوان الاسرائيلي ؟

حفيظ دراجي

نشر في جريدة الشروق بتاريخ 10 اغسطس 2014

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل