يسود الاعتقاد في الأوساط الشعبية والرسمية بأن الضعيف يخاف عادة من القوي ، والمحكوم يخاف من الحاكم ، ويخاف من صاحب المال والنفوذ .. ولكن الحقيقة أن نفس الأوساط الشعبية والكثير من الرجال في هذا الوطن لا يخافون أصحاب النفوس المريضة من الظالمين والحاقدين والفاشلين ، بل يخافون على الوطن من أولئك المغامرين الذين لا يخافون الله و لا يترددون في الاساءة لمن يختلف معهم و يقول لهم “لا” للمزيد من الظلم والنهب وسوء التسيير لشؤون الوطن ، الخائفون على الوطن نجدهم يلاحقون ويضايقون في كل مكان وزمان عوض ملاحقة المجرمين ومن نهبوا خيرات الوطن ..
صور الاساءة والملاحقة التي يتعرض لها الكثير من الجزائريين في كل المواقع كثيرة ومتعددة ، جلية وخفية ، تتزايد باستمرار منذ سنوات فتزيد من شدة الاحتقان وتنعكس على المعنويات وتضرب الكثير من القطاعات لتؤدي الى تزايد الحقد والكراهية وتصفية الحسابات في وقت يتحدث الخطاب الرسمي عن الوئام والمصالحة والعيش في كنف الاحترام، ويتحدث عن سيادة القانون والعدالة الاجتماعية والابتعاد عن الاقصاء والحقرة واستعمال النفوذ !!
لا اكتب ألغازا ولم يحن وقت الدخول في تفاصيل ممارسات مؤسفة لبعض المسؤولين ، ولا اريد احراج الكثير من الاطارات الذين تضطرهم الظروف للقيام بتصرفات منافية للأخلاق والقيم ومسيئة للدولة ومؤسساتها بإيعاز وإرادة من يعتقدون بأنهم يديرون مملكة وليس جمهورية، وينسون بأنهم كلما ازدادوا حقدا وتعسفا ازددنا صبرا وقوة وايمانا بأننا على صواب وبأنهم على خطأ ، وبأن الوطن في خطر اذا استمر الحال على ما هو عليه في قبضة الحاقدين والظالمين والمنتقمين ..
لا نخاف منكم مهما فعلتم لأننا أحرار وأبناء أحرار وولدتنا أمهاتنا أحرارا ونتحلى بثقافة الدولة وبالكثير من الصبر، ولكننا نخاف عليكم من جهلكم وتعسفكم في استعمال السلطة وما يترتب عنه من حقد سينتشر بين الناس بفعل تصرفاتكم ويؤدي الى مزيد الاحتقان وينعكس عليكم وعلى أبنائكم مستقبلا ..
لا نخاف منكم بل نخاف عليكم من تذمر الاطارات الذين تلاحقونهم وتسيئون اليهم وتريدون التحكم في رقابهم ، ونخاف عليكم من تذمر ابناء شعبنا الذين صاروا يدركون بوعيهم بأن أمور الدولة قد ينفرد بها من لا يتحلون بثقافة الدولة وروح المسؤولية ، وينعكس ذلك سلبا على كل مناح الحياة ..
لا نخاف منكم بل نخاف عليكم من تماديكم في نهب خيرات الوطن دون حساب أو عقاب ، ونخاف عليكم من الثراء الفاحش وازدياد نفوذ المحيطين بكم من الذين يريدون التحكم في رقاب الناس وفي اقتصاد الوطن وخيراته ، ويسعون الى وراثة السلطة والبقاء فيها ..
لا نخاف منكم بل نخاف على الوطن من أن يعود الى الوراء والى سنوات العنف والحقد والانتقام بسبب ممارساتكم الاقصائية والعدائية تجاه كل من يختلف معكم أو يعارض سياساتكم و ممارساتكم ، ونخاف
عليكم من حكم التاريخ الذي لا يرحم كل جبار سارق لحريات الناس وهاضم لحقوقهم ومستغرق في الظلم ..
نخاف عليكم وعلى الوطن ونحمد الله كل يوم أن خلقنا مختلفين عنكم، ونحمد الله أننا لسنا مثلكم من الظالمين والحاقدين ، ولسنا من العابثين بمصالح الوطن ، ونحمد الله أننا نؤمن بأن القوي ليس من يقوى على غيره ، بل هو من يقوى على الانتصار على نفسه وأهوائه وغروره ويجعل من موقعه وسيلة لتأكيد الجدارة والاستحقاق وخدمة الأخرين بكل اخلاص و وفاء ..
تاريخ الجزائر والكثير من دول العالم حافل بالعبر والأمثلة والمحطات المشابهة لما نفعله ضد بعضنا البعض و الأجيال الصاعدة لن تغفر لنا أخطائنا تجاه الوطن وشعبه ، وبدورنا نحن لن نخاف منكم وسنظل نخاف على الوطن حبا فيه وسنبقى نمارس شعائر حبنا تجاهه على طريقتنا لأنه من الإيمان ..
حفيظ دراجي
نشر في موقع كل شيئ عن الجزائر بتاريخ 11 اغسطس 2014
