hafid derradji

عندما تتأزم مشاكلنا ..

زمان كنا نعاني من مشاكل لا يخلو منها أي بلد في العالم كنقص الموارد والبطالة والسكن وهجرة الأدمغة والإرهاب ، ثم مشاكل سياسية وأمنية وأخلاقية ظرفية مؤقتة ، وأخرى اقتصادية واجتماعية بسيطة وعادية كنا نتجاوزها كل مرة ، ولكن مع مرور الوقت ورغم مواردنا المادية والطبيعية والبشرية الهائلة تحولت مشاكلنا الى أزمات متعددة الأوجه تلازمنا في يومياتنا وتبدأ من ندرة في الخبز والحليب كل صباح إلى بطالة تقنية وأزمة في توزيع السكنات واختلالات سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية ، وحتى أخلاقية ونفسية صارت تهدد استقرار المجتمع وأركان التوازنات التي كنا نسعى للمحافظة عليها!!

الانسداد السياسي والجمود السائد بعد الانتخابات الرئاسية الاخيرة يبقى على رأس الهموم التي نتخبط فيها في ظل الاقصاء الذي تتعرض له الأحزاب والجمعيات وكل الطبقة السياسية التي تدرك حجم الازمة وتحاول القيام بمبادرات كان يمكن مرافقتها والتعامل معها من قبل السلطة لتجاوز الاختلالات الموجودة واشراك الطبقة السياسية والشخصيات الوطنية المحترمة في تحمل عبئ الهموم التي نتخبط فيها !!

التحديات الأمنية كبيرة على الحدود مع ليبيا ومالي وتونس والأزمة الأمنية في أوساط أهلنا في غرداية تتفاقم كل يوم في سيناريو غريب لم نفهم مغزاه ،  دون أن تقدر السلطات على استدراك الوضع المبهم وكأنها عملية مقصودة تؤدي إلى مزيد من الاقتتال بين أبناء المدينة الواحدة وقد تترك أثارا وخيمة على الأجيال الصاعدة التي تعيش وسط إحتقان غير مسبوق .. 

الغياب المستمر للرئيس عن مسرح الأحداث والحضور اللافت للانتهازيين والمنتفعين تحول الى أزمة سياسية كبيرة في الجزائر وأدى الى فراغ مؤسساتي رهيب فسح المجال أمام المغامرين وأصحاب المال لكي يتصرفوا في شؤون الدولة كما يحلو لهم ، وأدى الى غياب صوت الجزائر عن الساحة الدولية وانعدام الثقة في مؤسسات الدولة المختلفة ، واتساع رقعة النهب وتراجع في القيم والاخلاق في الداخل لدرجة لا يمكن التكهن بما ستكون عليه الجزائر غدا !! 

الرداءة إنتشرت في كل مكان وفي كل مجالات الحياة السياسية والثقافية والاعلامية بسبب الجهوية المتزايدة والاقصاء الممارس ضد الكفاءات التي تحالفت ضدها قوى الشر فوجدنا أنفسنا أمام خطاب سياسي متخلف وفراغ ثقافي رهيب وإعلام عمومي وخاص يمارس الابتزاز السياسي والمالي ويبتعد كل يوم عن مهامه في غياب استراتيجية وطنية اعلامية وثقافية مناسبة لمقوماتنا وحاجياتنا الفكرية المتزايدة .. 

الأزمة الفكرية تكبر من يوم لأخر بسبب غياب مشروع المجتمع الذي يليق بنا وغياب إستراتيجية وطنية لتصحيح الاختلالات الموجودة ورؤية مستقبلية واضحة لجزائر القرن الواحد والعشرين التي تواجه تحديات سياسية وأمنية واقتصادية وفكرية لم نقدر على حصرها ومعالجتها لأننا لا نملك الارادة ولا القدرة على ذلك في غياب ثقافة الدولة واعلام حر ونزيه وعدالة اجتماعية وتنمية اقتصادية حقيقية شاملة !! 

تغول سلطة المال التي صارت تقيل وزيرا للداخلية من حجم دحو ولد قابلية لأنه قال “لا” ، وتقيل الرئيس المدير العام لسوناطراك لأنه قال “لا” أيضا ، وتقيل وتعين المسؤولين في المناصب العليا للدولة للاستحواذ على ما تبقى من خيرات هذا الوطن أمام مرأى ومسمع الجميع هي أكبر وأخطر أزمات الجزائر في بداية الالفية بالإضافة الى الأزمة الأخلاقية المتفشية في كل القطاعات والأوساط وبين النفوس المريضة بسبب صراع الأجنحة على مزيد من النفوذ والمال في ظل انهيار القيم والمبادئ وتراجع الاهتمام بشؤون الوطن و الشعب !!

أزمة الجزائر تحولت الى أزمات لأننا لم نتخلص من أنانيتنا ولم نتحلى بالجرأة والشجاعة في معالجة مشاكلنا البسيطة التي كبرت وتفاقمت مع تكرار الاخطاء وانتشار الحقد والكراهية والاقصاء من طرف أناس يعتقدون بأنهم هم الجزائر ودونهم سينهار الوطن ويموت الشعب جوعا وعطشا !!

حفيظ دراجي

نشر في موقع كل شيئ عن الجزائر بتاريخ 4 أغسطس 2014

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل