hafid derradji

عار علينا ..

لا تزال المشاركة المتميزة  للجزائر في مونديال البرازيل تصنع الحدث في الأوساط الجماهيرية والرياضية والاعلامية المحلية والدولية، ولكنني لأول مرة منذ مدة أجد نفسي غير قادر على الكتابة في شؤون الكرة والمنتخب ليس بسبب الصيام أو الارهاق ولكن لأننا من جهة قلنا كل شيء في حينه ولم يعد لدينا ما نقوله ، ومن جهة ثانية لأن عقولنا وقلوبنا حزينة تتألم كل يوم لآلام أبنائنا في فلسطين، هؤلاء الذين يموتون ونتفرج عليهم وكأننا صم بكم عمي كما يحدث كل مرة أمام تحديات أخرى وقضايا مصيرية تهم مجتمعاتنا ..

لم أعد قادر على الكتابة في شؤون الكرة مثل غيري لأن قلوبنا وعقولنا تتألم أيضا لمعاناة أهلنا في غرداية حيث رحل عشرة مواطنين منذ بداية الأزمة التي دخلت وقتها الاضافي ولم تقدر الحكومة ولا المجتمع المدني ولا أعيان المدينة على حلها رغم بساطتها وبساطة سكانها الذين لم يقدروا على استيعاب هذا الاخفاق في حل مشكلة بسيطة تحولت إلى فتنة تكبر من يوم لآخر وتزيد من تعميق الجراح بين أبناء الوطن الواحد..

لم أعد قادر على الكتابة لأن قلوبنا وعقولنا تتألم أيضا من ازدهار الرداءة في السياسة والرياضة والاعلام حتى صرنا نخجل من الانتماء إلى وطن اختلطت فيه القيم والمفاهيم ولا يعير أدنى اهتمام للحرية والكرامة الانسانية والكفاءة المهنية ، و نخجل من موقف بلد الأحرار والشهداء من القضية الفلسطينية التي كنا معها في عهد بومدين ظالمة ومظلومة وصرنا لا نقدر على صياغة بيان تنديد بالجرائم الوحشية التي يمارسها المحتل!!

أصبحنا نخجل أيضا من الانتماء لأسرة الاعلام الرياضي التي تمارس الفعل الاعلامي المخل بالحياء، والافتراء والتظليل في حق المدرب السابق للمنتخب الوطني الذي لا ذنب له سوى أنه نجح فيما أخفق فيه الآخرون وخرج من الباب الواسع رافضا تجديد عقده لكننا لازلنا نلاحقه بالكذب والإساءة لأننا لم نقدر على التأثير عليه وعلى خياراته !!

الكثير من أشباه الاعلاميين وبعض من الفلاسفة صاروا ينادون ببقاء المدرب حليلوزيش بعدما كانوا يصفونه بالفاشل ويطالبون برأسه في كل مناسبة ، وصاروا يتحدثون عن تألق فني وتكتيكي وبدني للمنتخب بعدما كانوا يصفونه بالمتواضع الذي سيخرج في الدور الأول ، لذلك لم أعد قادرا على الكتابة في شؤون الكرة والمنتخب، ولم أعد قادرا على استيعاب هذا النفاق السائد في كل الأوساط حتى صار عملة مشتركة يتداولها الجميع دون خجل أو تردد امتدادا للنفاق الحاصل في مختلف مجالات الحياة الاخرى حفاظا على المواقع وطمعا في مكاسب أخرى على حساب القيم والمبادئ !!

عار علينا أن نصر على الخطأ والاساءة لغيرنا ونستمر في الفرح بأداء ونتائج منتخب بلادنا في المونديال ، ونواصل الحديث عن الكرة وسط كل هذه الاختلالات التي نشهدها والمعاناة التي يعيشها أبنائنا في غزة وغرداية وسوريا والعراق وتونس ومصر وليبيا، وعار علينا أن نسكت عن الظلم وعن انتشار الرداءة في كل المجالات ونسكت عن التراجع عن مبادئنا ومواقفنا التي كافح لأجلها آباؤنا وكبرنا عليها قبل أن نتخلى عنها ونتخلى عن كرامتنا خوفا او طمعا..

حفيظ دراجي

نشر في يومية الشروق بتاريخ 20 جويلية 2014

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل