hafid derradji

حقارين ..

 

الكثير من الجزائريين يشعرون بالغبن والحقرة منذ زمن ليس بالبعيد، ولكن حقرة هذه الأيام وهذا الزمان وقعها أشد لأننا نشاهدها ، وأكبر لأننا نسمع أنينها و عمقها على الجزائريين بعدما صارت تمشي وتتكلم  في مختلف وسائل الاعلام والتجمعات الانتخابية “لحقاري” العهدة الرابعة من الذين يسوقون خطابات وشعارات استفزازية واقصائية  تزيد من حدة مشاعر الحسرة واليأس على وطن يتوجه نحو المجهول بعد نتائج الانتخابات ، مجهول تغذى وستغذيه درجة الوعي الشعبي بخطورة المؤامرة التي بلغت مستوى لامثيل له !!

لا يمكن أن نصف هذا الذي نسمعه ونشاهده يوميا سوى بحقرة استعمال السلطة والنفوذ والمال العام وكل امكانيات الدولة وحقرة التمادي في الكذب والافتراء لخدمة استقرار اصحابها واستمرارهم في مواقعهم  لمواصلة العبث بقيم الجمهورية والتمادي  في الاساءة للشعب ، ولكن تماديهم واصرارهم على الظلم لا يعني بأنهم أقوياء ونحن ضعاف ، لا هذا له معنى واحد فقط أنهم مغامرين وحاقدين مات ضميرهم إن وجد لهم ضميرا وغابت أخلاقهم إن كانت لهم أخلاقا ، نحن لسنا ضعفاء لأننا مسالمون وملتزمون نخاف الله ونخاف على الوطن ونحب له ما نحب لأنفسنا لا لمصالحنا ، نحن  لا نريد أن ينفجر أو يندثر ايمانا منا بأن حبل الظلم قصير مهما كان غليظا ، وأن غدنا أو يومنا القادم يوم أخر سينتصر فيه الصبر على التهور، والحق على الباطل ، والعدل على الحقرة واستبدادها .

الحقاريين يستعملون منطق القوة عوض قوة المنطق بالعمل على تخويف الشعب من مخلفات التغيير حسبهم والتي يرددها الكثير من الموالين والمطبلين الذين غزو المدن وجابوا القرى واحتلوا القنوات التلفزيونية والصحف ومختلف وسائط التواصل الاجتماعي في محاولة لإجبار الشعب على التصويت لرئيس افتراضي يسوق أنصاره وعودا افتراضية لم يقدروا على تحقيق جزءا منها على مدى خمسة عشر عاما بميزانية بلغت 600 مليار دولار تكفي لبناء بلدان جديدة بأكملها، وراحوا يطالبون بعهدة أخرى لاستكمال مسار الاصلاحات والانجازات كما يقولون ويحضرني القول الدارج ” اللي ما يشبع من القصعة ما يشبع من لحيسها “.

الحقارين يحتقرون جهود وتضحيات الشعب والجيش والأمن ومؤسسات الدولة والمجتمع المدني وكل المواطنين في خطاباتهم على الماضي ويردون به تصريف افعال المستقبل ، لكنهم يحاولون بناءه للمجهول متناسين بأن مستقبل الأجيال في خطر ما داموا ينسبون كل جميل حدث في الجزائر لمرشحهم ، ويختزلون الوطن في شخص رجل واحد منحوه صفة النبوة أرسله الله للجزائريين لتخليصهم من الجهل والعبودية !! لكنهم اختصروا تصرفاتهم بغرقهم  في الفساد والظلم والاقصاء والانحلال الخلقي والجهوية .

الحقارين اختطفوا الرئيس منذ سنوات، واحتكروا الوطن وصفة الوطنية لأنفسهم ، واستولوا على خيرات البلد وأساؤوا الى الرجال والمؤسسات بما في ذلك الرئاسة ذاتها و مؤسسات الجيش والقضاء والتشريع وصار كل شيئ بين أيدي “كمشة” من الحقارين استحوذوا على كل الصلاحيات والخيرات اعتقادا منهم بأنهم شجعان ونحن جبناء ، بتصرفاتهم يعتقدون بان الشعب مغفل لا يعي ولا يفهم ما يدور من حوله بأفعال جماعة تريد استعباده بالوكالة ستفرض على  رئيس نكن له الإحترام والتقدير أكثر مما يدعي انصاره ..

الحقارين يستغلون التزام الشعب تجاه الجزائر وصدق نواياه نحو الوطن، ويستغلون صبره وحرصه الدائم من أجل الحفاظ على مكتسباته ليتحالفوا ضده ويستمرون في الاساءة اليه واستفزازه والافتراء والكذب عليه للوصول إلى مبتغى تحويل الجمهورية الى مملكة، وتحويل الشعب السيد الى عبد وقد ولدتنا أمهاتنا أحرارا، الحقارين  يريدون شعبا يخدمهم ويصفق عليهم ويرقص لهم على كل الأنغام التي يلحنونها يوميا، الحقارين يريدون أن يستمتعوا لوحدهم بالفرجة والمتعة التي تمنحها لهم خيرات الجزائر وبركاتها ..

الحقارين يتمادون في “حقرتهم” المباشرة وغير المباشرة ضد شعبنا  لأنهم يعلمون بأن الشعب الجزائري العظيم شعب صبور تعلم من المأساة والعنف أبعد خياراته، سيصبر مجددا الى أن تتجدد أو تتبدد جماعة السلطة التي بدأت تظهر عليها معالم الارهاق والشقاق لأنه لا مبادئ تحكمها  ولا أخلاق تضبطها  ، ولان الحراك الحاصل أدى الى تحطيم عديد الطابوهات والى المزيد من الاختلالات والفضائح وإن غدا لناظره قريب.

حفيظ دراجي

نشر في جريدة الشروق بتاريخ 6 أفريل 2014

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل