hafid derradji

الجزائر خسرت لكن الشعب لن ينهزم !!

اعلان فوز بوتفليقة وتجديد عهدته بالرابعة لم يفاجئ المتتبعين في الجزائر وخارجها، لكن الكل يدرك بأن أمورا كثيرة تغيرت وطابوهات تكسرت وستتواصل مستقبلا بعد الذي حدث من حراك أثناء الحملة الانتخابية وبعد اعلان نتائجها وردود الفعل التي تبعتها ، الملامح التي بدأت تلوح في الأفق تطلعنا عن جزائر جديدة لن تكون كما عهدناها أو فرضت علينا   ..

سلطة مضادة ولدت أزعجت بظهورها  وبفضلها تحطم جدار الصمت وتكسرت قيود الخوف ، بل انتقل الرعب من غضب الشعب الى الضفة الأخرى التي دفعتها الولادة الجديدة للشعب لاستعمال كل الوسائل في محاولة يائسة لتركيع الجزائريين، لكن هيهات فهم لا يعلمون بل يتجاهلون أن الجزائر دخلت مرحلة جديدة لن تكون كسابقاتها لان الشعب شاهد بأم عينه صورا تعيسة وسمع كلاما قبيحا وتابع حراكا ضعيفا .

الشعب أدرك بأنه تعرض للابتزاز والخداع والمساومة بالاستقرار او الفوضى من طرف اولئك الذين دفعوا بالرئيس للترشح في تلك الظروف اللاإنسانية التي جعلت العالم في حيرة من أمر شعب كان رمز كفاح وعنوان مقاومة ينتخب رئيسا لعهدة جديدة بسبب رصيده وتاريخه فقط وكأن الجزائر عقرت ورحمها لا يقدر على انجاب رجال بحجمها هي التي كانت ولودة ولا تزال ..

ارتفاع نسبة الممتنعين والمقاطعين الملفتة للانتباه والتي قاربت الخمسين بالمائة لم يسرق منها الضوء إلا  صور الرئيس وهو يؤدي واجبه على الكرسي المتحرك ، ونظراته التي أثارت شفقة غيرنا قبلنا ، شفقة اثبت للعالم بأن الرجل لم يكن بحاجة الى أصواتنا بل الى تكاتفنا للتعاطف معه ومع الجزائر وشعبها  للانتقال الى الجمهورية الثانية بالطرق السلمية والديموقراطية خاصة وأن الشعب بلغ درجة غير مسبوقة من الوعي والنضج سواء شارك أو أمتنع عن المشاركة في التصويت ما أحرج أولئك الذين سلبوا منا الوطن واحتكروا الوطنية لأنفسهم وذويهم..

الموالون للرئيس من المقربين أو الواقفين على الحاشية  أدركوا من خلال نسبة الممتنعين والمقاطعين  بأن السلطة المطلقة التي يسعون اليها ليست سهلة المنال وصعبة الدوام  حتى ولو سيطروا على كل المؤسسات وتخلصوا من كل الرجال الذين وقفوا لهم بالمرصاد لأنهم ببساطة لن يقدروا على التخلص من كل الشعب ، وستلاحقهم لعنة التاريخ الذي سيطلع الأجيال الصاعدة بأنهم أهانوا الرئيس واساؤوا الى الوطن وفرقوا بين أبناء شعب لم يقدر المستعمر وكل المحن على تقسيمه  ..

أما الذين تواطئوا و سكتوا و عجزوا و احتكروا اصواتنا نقول لهم ان حياتنا رفقة الشعب لن تتوقف عندكم بعد الرئاسيات.. الحياة لن تتوقف حتى وان ملأتم القلوب  آهات صادقة وليست مزورة  حسرات حارقة وليست مبررة.. الحياة ستستمر وستغدق عليكم بدعوات شفاء لقلوبكم المريضة ونفوسكم الواهنة  .. دعوات صادقة لأجل اقامة دولة عادلة .. ونبعث لكم رسالة مضمونها أن الجزائر خسرت يوم 17 أفريل معركة التحول والتجديد لكن الشعب لم ينهزم ولن يستسلم بعد هذا التاريخ بل سيسعى للحفاظ على وطنه بكل الوسائل السلمية والحضارية الممكنة  لأن المقاطعين والممتنعين عن التصويت من دعاة التغيير الذين يفوق عددهم عشرة ملايين ليسوا خونة بل طريقة تعبيرهم عن تعلقهم بالوطن لا يحس بها فاقد الشيء ..

حفيظ دراجي

نشر في موقع الشروق بتاريخ 20 أفريل 2014

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل