لا يزال بعض الساسة ورجل المال عندنا يحتكرون الحديث عن العهدة الرابعة دون غيرها من المواضيع التي تهم الشعب، ويتساءلون عن دور المؤسسة العسكرية وحيادها أو انحيازها ، وعن نزاهة الانتخابات الرئاسية أو تزويرها، و يحتكرون الحديث عن أسماء بعينها تتداول اليوم لخلافة بوتفليقة، في وقت كان يمكن للنقاش أن يرتقي الى مستوى آخر يعني كل أطياف المجتمع ويشارك فيه كل المواطنين ونتجاوز فيه التشخيص وذكر الأسماء إلى الحديث عن مشروع المجتمع الذي نريده وعن برامج الأحزاب و المرشحين ، كما كان يمكن للنقاش أن ينصب حول ما يريده الشعب والجيل الصاعد بكل فئاته للرقي بالوطن إلى مصاف الدول المحترمة دبلوماسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ورياضيا، وكان يمكن للنقاش أن ينصب حول مواصفات الرئيس الذي يريده الشعب ويليق بالبلد بغض النظر عن الأسماء والاحزاب حتى نرتقي بالفكر والثقافة السياسية إلى مستوى نتجاوز فيه التفاهات خاصة وأن شعبنا اليوم صار بحاجة إلى قلب يحكمه وليس إلى عقل يتحكم فيه، و وصل درجة من النضح تسمح له باختيار من يحكمه ..
هذه الحاجة تفرض علينا اليوم رفع مستوى النقاش إلى درجة البحث عن المعايير السياسية والأخلاقية التي يجب أن تتوفر في رئيسنا لنصل إلى درجة الامتياز وننتقل إلى مرحلة أخرى في التدبير والتسيير لا يكون فيها الرئيس كل شيء ولا يكون فيها ولا شيء، وتكون السيادة للشعب فعلا وللمؤسسات والقوانين التي نخضع لها كلنا دون استثناء، ويحاسب فيها شكيب خليل وأبسط مخطىء على حد سواء..
عندما تسأل عن مواصفات من يستحق رئاسة الجزائر لن تختلف غالبية الشعب ويحصل الاجماع على ضرورة أن يكون الرئيس المقبل من جيل الاستقلال حتى يكون متحررا من كل القيود والعقد الثورية والتاريخية والجهوية ، ومتحررا من مافيا المال التي تريد البقاء في السلطة حفاظا على مكاسبها ، أو تلك التي تبحث عن السلطة من أجل السلطة ..
الرئيس المقبل يجب أن يكون رئيسا لكل الجزائريين ويكون ولاؤه للشعب وليس لفئة أو حزب أو جهة ينحدر منها لأننا تعبنا وكرهنا من الجهوية والاقصاء ، وتعبنا من الانتقام وتصفية الحسابات على حساب المبادئ والأخلاق ومصالح الوطن والأجيال الصاعدة ، وتعبنا أيضا من كل أشكال الحقد على بعضنا البعض .
الرئيس المقبل يجب أن يكون خادما للشعب وليس سيدا عليه أو ملكا ، نحترمه ولا نخافه، ويحترمنا ولا يحتقرنا ويسلط علينا من لا يخاف الله ولا يرحمنا ، ويسلط علينا من يتحكمون باسمه في رقاب الناس وأموال الشعب ومصير المؤسسات..
هذه المواصفات تتوفر في الكثير من أبناء الجزائر الذين نعرفهم والذين لا نعرفهم لذلك لا نريد الرئيس مستوردا أو منزلا من السماء بل جزائريا بمواصفات بن بلة الثورية وبوطنية واخلاص بومدين، و رزانة وحكمة الشاذلي ، وعفوية وصدق محمد بوضياف ، ونزاهة وشجاعة زروال ، وفصاحة ودبلوماسية بوتفليقة.
الجزائر كانت دائما ولادة لرجال بإمكانهم قيادة البلد لو تخلصوا من أنانيتهم وتسلطهم وعبادتهم للسلطة، ولو تخلصوا من بطانة السوء وكل الانتهازيين والمفسدين والشياتين الذين يحيطون بهم ويسيئون إلى الدولة ومؤسساتها..
ببساطة واختصار: الجزائريين يريدون رئيسا جزائريا بأتم معنى الكلمة ..
حفيظ دراجي
نشر في موقع كل شيئ عن الجزائر بتاريخ 30-12-2013