في كلتا الحالتين سنكون في حاجة الى تأهيل !!
ستتوقف الحياة في الجزائر غدا بمناسبة مباراة العودة الفاصلة المؤهلة الى مونديال البرازيل بسبب تعلق شبابنا بمنتخب بلاده وتركيزنا الكبير على نتيجة المباراة التي تتوقف عليها الكثير من التبعات السياسية والاجتماعية.. وعند التأهل سيصيبنا الغرور وجنون العظمة ونعتقد بأننا وصلنا ونملك منتخبا كبيرا وبأن كرتنا بخير ورياضتنا كذلك ، ولكن عند الاقصاء يعم الحزن والأسى و ننقلب على الطاقم الفني واللاعبين لنتهمهم بالفشل والضعف في وقت نحن بحاجة مستمرة إلى التأهل لكأس العالم وإعادة التأهيل في كل مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والثقافية والرياضية من أجل تنمية مستدامة لمواردنا وقدراتنا البشرية والطبيعية والمادية حتى لا نبقى رهائن منتخب الكرة وأرجل اللاعبين وهدف يسجل في مرمى الفريق الخصم!!
التطرف في الفرح أو الحزن سيكون سمة الكثير منا بعد نهاية المباراة كما كان الحال في كل مرة عند الفوز أو الخسارة في ثقافة وتقاليد ظرفية يكون لها انعكاس على المعنويات وكل مجالات الحياة عوض الاعتدال والرزانة في التعامل مع الفوز والخسارة في الكرة والفشل والنجاح في المجالات الأخرى من خلال التقييم العلمي والمهني بعيدا عن العواطف والمشاعر والاستغلال السياسي والاجتماعي للفرح والحزن، لأننا تأهلنا سابقا الى المونديال ولم نحسن الاستثمار فيه ، وسبق وأن أقصينا من المونديال ولم نحفظ الدروس ولم نستفيد من تجاربنا الحلوة والمرة ..
في حالة التأهل سيكون من حقنا أن نفرح ونسعد ونحتفل لأن شعبنا في حاجة الى ذلك لنسيان الفشل الحاصل في بعض المواقع، ولكننا سنكون أمام مجرد فوز في مباراة وليس أمام انتصار نجعل منه حدثا ينسينا التحديات التي تنتظرنا وينسينا هموم شبابنا الذي لا يجد منصب عمل ومسكنا ومرافقا للتكوين والترفيه، لذلك سنكون بعد التأهل بحاجة إلى إعادة تأهيل نوادينا ولاعبينا ومؤطرينا ومرافقنا الرياضية وكل القوانين المنظمة للممارسة الرياضية الجماهيرية والمحترفة ، وستتاح لنا فرصة أخرى لمشاركة فعلية وليست شكلية كما حدث في المونديال الأخير ..
في حالة الاقصاء من المشاركة في المونديال سنتأسف ونتحسر ونحزن وننتقد المدرب واللاعبين بسبب خسارة مباراة كروية وغياب عن المونديال المقبل، ولكن لا يجب أن ينهزم البلد والشعب وتنهار معنوياتنا وطموحاتنا في مواصلة الجهد لتحقيق انتصارات أخرى في الكرة والرياضة عموما وفي كل مجالات الحياة التي لا تزال بحاجة الى نفس جديد وجهد كبير لأن المنتخب الحالي لايزال في طور التكوين ويحتاج لمزيد من الوقت والعمل، وبلدنا لايزال هشا بحاجة الى تضحيات وجهود على كل المستويات لإعادة تأهيل كل مؤسساته وقطاعاته ..
نعلم جيدا بأن الأصوات المتشائمة والمحبطة للمعنويات سترتفع في حالة الاقصاء وتكون في الموعد لتصفية حساباتها، مثلما نعرف بأن الأصوات العاقلة والرزينة والمسؤولة ستكون حاضرة في كلتا الحالتين لتضع الفوز أو الخسارة في حجمهما الرياضي وليس الاجتماعي والوطني لأن الوطن والشعب لا يمكن أن ينكسرا بسبب إقصاء من المونديال ولا يمكن أن يجعل من التأهل غاية في حد ذاته بل وسيلة لضمان مشاركة افضل في المونديال المقبل واحداث نقلة نوعية للكرة الجزائرية واعطاء نفس جديد لشبيبة جزائرية بحاجة الى افتخار واعتزاز بوطنها الذي لا يمكن أن يبقى رمزا للفشل والاخفاق ولا يمكن أن يبقى مستقبله رهينة تأهل أو اقصاء منتخب الكرة من المونديال ..
حفيظ دراجي
نشر في موقع كل شيئ عن الجزائر بتاريخ 18-11-2013