hafid derradji

صناعة الفتنة تتزايد باستمرار ..

 

المتتبع لما تداولته بعض وسائل الاعلام المكتوبة والمرئية، والوسط الكروي منذ أيام بخصوص التصريحات المتباينة للمدرب الوطني وحيد حاليلوزيش، ورئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم يدرك حجم الأزمة الأخلاقية والاعلامية والكروية التي نتخبط فيها، ومدى قدرتنا على صناعة الفتن وإثارة المشاكل وكأن كل شيء يسير على ما يرام في الجزائر إلا أمور المنتخب التي ليست في المستوى وتنذر بأزمة وطنية تقتضي كل هذا الجدل والسجال والقيل والقال، وكل التحاليل والتعاليق المتناقضة التي نسمعها ونقرؤها يوميا منذ مدة، والتي نشم فيها رائحة كريهة وحملة مقصودة  للتشكيك في النوايا  وتأويل التصريحات وتحطيم المعنويات من أطراف لا يعجبها العجب ولا يهدأ لها بال إلا عندما ترى كل شيء جميل يتحطم ..

الأمر تجاوز كل الحدود وصارت صناعة الفتنة من أكثر الصناعات المنتجة في الجزائر بعدما نجح أصحابها في إثارتها في غرداية بين أبناء البلد الواحد وقبلها في بعض ولايات الجنوب ، ونجحوا في إثارتها بين الرئيس والمؤسسة العسكرية ، والرئيس وشعبه وبعض رجالات الوطن، وبين جيلي الثورة والاستقلال ، وبين أبناء الشرق والغرب والشمال والجنوب في سيناريو يشارك فيه بعض الاعلاميين و وسائل الاعلام ، وبعض الساسة والمثقفين ورجل المال من الذين يحسدون ويحقدون ويصفون حساباتهم على حساب الوطن، ولا يتصورون نجاح الجزائر وتألقها من دونهم، ولا يجدون ضالتهم سوى في كثرة السؤال والقيل والقال وإثارة الفتن دون أدنى اعتبار للأخلاق ولأخلاقيات المهنة!

صحيح أن أحوالنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية ليست على ما يرام ويجب أن ننتقدها كل يوم لتصحيحها واصلاحها، وصحيح أن حاليلوزيش بالغ في بعض تصريحاته وقال بصوت عال ما يعتقد الكثير ويقولونه بصوت خافت، وكان عليه أن يكذب علينا ويقول كلاما يعجب الصحافة والرأي العام، أو يكون أكثر دبلوماسية وأقل جرأة وصراحة و واقعية.. وصحيح أن رئيس الاتحادية كان حازما في رد فعله بحكم مسؤولياته التي تفرض عليه التفكير فيما بعد المونديال ، لكن كل الكلام الذي قيل من طرف الرجلين لم يكن ليثير كل تلك ردود الفعل بهذا الشكل  لمدة أيام في كل وسائل الاعلام لو لم تكن هناك نيات سيئة نفخت في الأمر وأعطت لبضعة كلمات أكثر مما تستحق من الاهتمام .

لقد نجح البعض في إشعال نار الفتنة لبضعة أيام كادت أن تؤدي برئيس الاتحاد إلى إقالة المدرب، وتؤدي بالمدرب إلى الاستقالة  قبيل إشهر عن المونديال لولا سعة الصدر وروح المسؤولية وإرادة الطرفين في مواصلة المغامرة الجميلة  دون أن يكون هناك خاسر ومنتصر بينهما لأن الكرة الجزائرية هي التي تنتصر في النهاية سواء استمر حاليلوزيش أو غادر بعد المونديال ، لأنه سيغادر معززا مكرما ومشكورا على جهوده ، ويغادر محتفظا بذكريات جميلة مع جمهور أحبه وشجعه و وقف معه في الظروف الصعبة دون أن يسبه يوما على مدى ثلاثين شهرا. وسيغادر محتفظا بانطباع جميل عن جزائر تحترم الرجال وتقدر من يتعاملون معها مهما كانت الظروف ..

الرجلان اختلفا من أجل المنتخب كما يختلف الرجال فيما بينهم، واتفقا مجددا على مواصلة المشوار الجميل لكن الأمور لن تعود عادية وطبيعية كما كانت عليه سابقا بين الرجلين لأن أمرا ما انكسر ويصعب اصلاحه في ظل ازدهار صناعة الفتن والشك والتظليل ، واستمرار قوى الشر في زرع اليأس والتشكيك في كل شيء جميل ..

حفيظ دراجي

نشر في يومية الشروق بتاريخ 12-1-2014

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل