hafid derradji

شعب يبحث عن رئيسه !!!!

 

كنت في عهد الزمن الجميل سنوات السبعينيات مولعا مثل غيري بسماع البرامج الاذاعية المختلفة ومن المعجبين والمتتبعين لبرنامج ” بحث في فائدة العائلات” الذي كان همزة وصل بين التائهين والضائعين وبين ذويهم الذين وجدوا في البرنامج وسيلة تواصل ناجعة مع من افتقدوهم ، أما اليوم فلقد أصبحت تائها وحزينا مثل الكثير ممن يبحثون عن أنفسهم في في عهد الزمن العليل ” الرديء” الذي انقلبت فيه المفاهيم والمعايير وصار فيه الصادق كاذبا والخبيث طيبا والكبير صغيرا ! وصرت أتألم مثل الكثير من أبناء الشعب ممن يبحثون عن رئيسهم الذي لم يتحدث إليهم منذ أكثر من 600 يوم ولم نعد نسمعه ونشاهده، أو نعرف إن كان في صحة جيدة ويريد الترشح لعهدة رابعة أم لا ، وما هي نواياه خاصة وأن الأمر يتعلق بشؤون دولة وشعب يستحقان كل الاحترام  !

في ظل هذا الوضع بدأ الشك يتسلل إلى نفوس وعقول الجزائريين بأن الرجل الذي انتخبه الشعب لم يعد يؤدي مهامه و واجباته وصار رهينة بين أيدي قراصنة استولوا على الجزائر واحتجزوا رئيسها، مثلما استولوا على مؤسسات الجمهورية وخيرات الوطن وعقول الناس، ورهنوا مستقبل الجزائر والجزائريين بخياراتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومثلما زرعوا الشك والحقد والكراهية بين الناس وزرعوا الخوف من التغيير في نفوس الجزائريين، وراحوا يوهمون الشعب بأن استمرار بوتفليقة هو ضمان لاستقرار الوطن ، و كل من يعارض ذلك هو خائن وعميل ، وكل من يختلف معهم يلاحق ويحاصر ويهدد بطرق مباشرة وغير مباشرة ..

تارة يقول لنا القراصنة وأتباعهم بأن الرئيس يتعافى وسنطلق سراحه ليعلن ترشحه قريبا ، وتارة يسربون أخبارا بأنه قرر عدم الترشح وسيدعم ويزكي فلانا أو علانا ، وأحيانا أخرى يتبادلون الأدوار ويخرجون إلينا بسيناريوهات تصلح لأفلام خيال ورعب ليخفوا احتجازهم للرئيس في إقامة جبرية ومنعه من مشاهدة القنوات التلفزيونية وقراءة الصحف اليومية والتواصل مع أبناء بلده الذين لا يعرفون أين يوجد رئيسهم ! وكيف هو حاله ! وما رأيه في الحراك الحاصل اليوم داخليا وخارجيا وهو الذي عودنا على اعتلاء منابر الخطابة بشكل يومي تقريبا لكنه لم يعد قادرا على أن يقول لشعبه “صباح الخير شعبي العزيز”.

يقال لنا هذه الأيام بأنه في صحة جيدة وعقله يفكر ويعمل أحسن من عقول كافة الجزائريين، وسيترشح للرئاسة دون الحاجة إلى مخاطبة الشعب، ودون الحاجة لتنشيط الحملة الانتخابية، وسينتخبه الشعب لعهدة رابعة دون أن نشاهده وهو  يمشي أربع خطوات وينطق بأربع كلمات ويقف لأربع لحظات، وربما دون أن يذهب إلى صندوق الاقتراع يوم السابع عشر أفريل، ودون أن يشكر الشعب على اختياره بعد اعلان النتائج وعندئذ سيقولون لنا بأن الأمر عادي وطبيعي والشعب يحب رئيسه ويثق فيه !!

صحيح  أن جزءا كبيرا من أبناء هذا الشعب يحبون بوتفليقة بإخلاص ودون حسابات ، ويأملون استمراه في الحكم لو كان في صحة جيدة لكنني أتصور أن الرئيس من جهته يريد الخلاص من القراصنة ويطلب النجدة من شعبه ، يريد أن يرى الناس ويروه ، يريد ويريد .. ولكن هناك من لا يريد ذلك بل يستمر في احتجاز الرئيس والتحدث باسم الرئيس والتصرف باسم الرئيس دون أدنى اعتبار لحاجة الشعب رؤية رئيسه وسماع صوته للاطمئنان على أن الجزائر لم تختطف بدورها، ولم تصبح مملكة أو ملكية خاصة !!

لقد قرأنا وسمعنا مثل هذه الروايات وقلنا كم هو غريب عالم الخرافة بأبطاله جميعهم ، لكن أن نعيش مثل هذا الوضع المقرصن ونشعر بأن رئيسنا المنتخب سقط بين أيدي القراصنة فهذا ما لا يصدق لأن القراصنة لا دين ولا ملة لهم ولا قانون يحكمهم سوى منطق القوة لا قوة المنطق، ومنطق المصلحة لا مصلحة الوطن ، واحتجازهم للرئيس بهذا الشكل المهين للجمهورية يراد منه احتكار الجزائر والاستحواذ عليها لفترة أطول  .. فترة تكون كارثية الآثار على الوطن ..

حفيظ دراجي

نشر في موقع كل شيئ عن الجزائر بتاريخ 3-2-2014

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل