hafid derradji

بين التحول والتحايل..

 

 

ليس من عادات الجزائريين الشرفاء ولا من أخلاقهم إطلاق النار على سيارات الاسعاف، وليس من أخلاقنا التشفي والمساس بالعرض والشرف، والخوض في الشؤون الخاصة للناس حتى ولو كان الأمر يتعلق برئيسنا ولكن من واجبنا جميعا أن نقول الحقيقة للشعب ونسعى للحفاظ على معنوياته ، وعلى مقومات الدولة ولا نختزلها في شخص رجل واحد اذا أصابه الزكام تنتقل العدوى الى كل الجزائريين ، كما أن بوتفليقة هو رئيس الجزائر وكل الجزائريين وليس ملكا لنفسه وعائلته والمقربين منه ، لذلك صار من واجبنا اليوم أن نصارح الشعب بمدى قدرة الرئيس على الترشح مجددا ، ونغلق الباب أمام كل أنواع المزايدة  والمغامرة بمصير الوطن وننظر الى المستقبل ونحسب الف حساب لما سيكتبه التاريخ ..

لقد صارت الجزائر البلد الوحيد في العالم الذي لا يعرف أبناؤه ما يحدث في وطنهم ، وما الذي سيحدث في الانتخابات الرئاسية المقبلة قبل ثلاثة أشهر عن موعدها، ولا يعرف أحد إن كان الرئيس سيترشح أم لا وكأن الأمر سر من أسرار الدولة لا يمكن إعلانه للرأي العام ! ورغم إدراكنا بأن الرجل لم يعد قادرا بسبب ظروفه الصحية التي استدعت نقله مجددا الى فرنسا إلا أن المحيطين بالرئيس يريدون له عهدة رابعة  ليستمروا في السلطة لأطول فترة ممكنة حفاظا على مصالحهم وليس حبا و وفاء له وخوفا على الجزائر! كما أن لا أحد يهتم بما يريده الشعب وما يحتاجه الوطن في المرحلة القادمة، ولا أحد يخاف على البلد ومستقبله في ظل التراجع والتخلف والأحقاد السائدة على كل المستويات، ولا أحد يريد أن يفهم بأن الشعب تعب  من بعض الناس والممارسات وفقد ثقته ، وبأن الوطن صار بحاجة إلى نفس جديد على كل المستويات..

الشعب لا يزال يتوقع بأن يلتزم الرئيس بالوعد الذي قطعه على نفسه سنة 2011 عندما قال بأن جيله “طاب جنانو” وحان الوقت لتسليم المشعل لجيل الاستقلال، ولايزال يتوقع أن يخرج إليه الرئيس هذه الأيام ليعلن عدم قدرته على الاستمرار، ويفسح المجال لجيل الاستقلال لينال فرصته، لكن كل المؤشرات توحي بأن جماعة الرئيس لا تزال تصر على الدفع ببوتفليقة إلى الترشح لعهدة رابعة  ستكون كارثية على كل المستويات ليس لأن بوتفليقة ليس أهلا للمسؤولية، ولكن لأنه لم يعد قادرا على تحملها والجزائر لم تعد قادرة على تحمل المزيد من الاساءات لرئيسها وشعبها ، والمزيد من التراجع والتخلف والحقد والاقصاء والنهب واللاعقاب..

صحيح أن بعض فئات الشعب تحترم الرجل وتحبه بإخلاص وتريده رئيسا مدى الحياة بحسن نية ، والبعض الآخر يعتقد بأن الرجل قدم ما عليه على مدى خمسة عشر عاما فأصاب وأخطأ وحان الوقت لكي يستريح لأنه لم يعد قادرا ، وجزء كبير من الشعب  يرى بأن الجزائر صارت بحاجة إلى تحول وليس إلى تحايل وإلى رئيس لكل الجزائريين وليس لفئة معينة، رئيس يخاطب شعبه ويطبطب عليه ويمارس مهامه  الدستورية كاملة دون كراهية أو انتقام ولا يكون رهينة بين أيدي المحيطين به من الذين يحكمون باسمه و يسيئون كل يوم إلى الرجال والمؤسسات..

وبين المحايدين والمؤيدين والمعارضين  للعهدة الرابعة لايزال صوت المنتفعين يعلو فوق كل الأصوات دون أن يدركوا  بأن الشعب يريد تحولا ولس تحايلا ، ويريد تغيير الاشخاص والممارسات والمفاهيم من خلال انتخاب رئيس قوي يمارس كامل صلاحياته ويحترم الشعب  و يخدمه من خلال إحداث تغييرات عميقة في المنظومة الفكرية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية ، والتخلص من كل أشكال الجهوية والمحسوبية والدكتاتورية التي أساءت للدولة الجزائرية وستسيئ إلى مقومات الشعب لو استمر الحال على ما هو عليه من الخوف والشك والتردد أو المغامرة التي لا تحمد عقباها ..

حفيظ دراجي

نشر في جريدة الشروق بتاريخ 19-1-2014

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل